جمانة طه
جاء في معجم اللسان تحت مادة (أنثى)،ما يلي:أنث،أنوثة وأناثة:لان، الحامل إيناثا: ولدت أنثى فهي مؤنث. أنَّث في الأمر: لان ولم يتشدد. تأنَّث: طاوع، ولان ولم يتشدد، وتشبَّه بالأنثى.


وتحت مادة (امرأة)، جاء في معاجم الصحاح(1) ولسان العرب(2) وتاج العروس(3) ما يلي:المرء: الرجل. والأنثى مرأة. يقال هذا مرء صالح، وبعضهم يقول هذه مرأة صالحة. والمرء الإنسان رجلاً كان أو امرأة. وإذا عَرَّفوها قالوا: المرأة أو الامرأة. وللعرب في المرأة ثلاث لغات: يقال هي امرأته وهي مرأته وهي مَرَته.
يقول ابن الأعرابي(4): إنه يقال للمرأة إنها لامرؤ صدق، كالرجل وهذا نادر". ولا يوجد في اللغة العربية جمع لكلمة امرأة، لذا استخدموا لفظة أخرى تخص المرأة دون الرجل وهي لفظة نساء وقد جاءت من نسأ ينسأ. ونسيء هي المرأة المظنون بها الحمل. ويقال: مرأة نَـْسءٌ كالنَّسوء على فعول. ونَسوء ونسوة ونساء أي تأخر حيضها ورجي حملها.
وفي لسان العرب، مادة رجل نجد أنَّ علماء العربية أنثوا لفظة رجل، وأطلقوا(رَجُلَة) على الأنثى. وقد أكد الميداني هذا المعنى، حين ذكر في أمثاله أنَّ أول مثل قالته العرب هوالمرأة اللغةالمرأة من المرء، وكل أدماء من آدم)(5)
ونتيجة لهذه القراءة المعجمية، نستطيع أن نؤكد وجود تناسق مهم ولافت في
اللغة العربية، ولا سيما في الألفاظ التي تخص الأنثى. فلفظة امرأة وإن كانت مشتقة من لفظة (مرء)، إلاّ أنها في المحصلة لفظة مؤنثة متفردة عن اللفظة الأخرى (المرء) أي الرجل.

وبروز التأنيث سمة بينة في اللغة العربية، مثل غيرها من اللغات السامية.وألفاظ التأنيث في لغتنا لا تقل عدداً عن ألفاظ التذكير. ولو نظرنا فيما حولنا، لوجدنا أن جُلَّ الأسماء في الطبيعة هي أسماء مؤنثة، مثل: السماء، الأرض، الشمس، الشجرة.
وبعض الصفات مثل، الشجاعة والفصاحة والمروءة. وبعض الطقوس الدينية، مثل الصلاة والزكاة. إلى جانب الحياة، والحقيقة والشهادة والجنة وجهنم.
وقبل هذا وذاك، اللغة والأبجدية والبشرية والإنسانية والمدنية والحضارة. مما يؤكد حضور الأنثى في منطوق اللغة من الأسماء والصفات.
وإذا عدنا إلى المعجم الصوفي وبعض المواد فيه، مثل: أم، أرض، أنثى،نخلص إلى أنَّ كل ما في الكون أنثى، لأنه محل زرع وحرث، محل بذر وإنتاج.
يقول الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، في الفتوحاتالمرأة اللغة5)

[TR]



[/TR]
[TR]



[/TR]
إنِّـا إنـاث لمـا فينـا يولـده



فالحمد لله ما في الكون من رجلِ


أنَّ الرجال الذين العـرفُ عيَّنهم



هُم الإناث وَهُمْ نفسي وَهُمْ أملـي




((فابن عربي يقارب المرأة، لا من جهة كينونتها الإنسانية، ولا من جهة موقعها من ذات الرجل ووجدانه، بل من جهة كونها الأنثى؛ إحدى مراتب الوجود.
وهي مرتبة القابلية والانفعال والتأثر، هي محل الإلقاء والبذر والاستحالات والإيجاد والتكون والظهور، فكل منفعل وقابل للإلقاء والتكون، ومحل للظهور والإيجاد فهو أنثى وإن كان ذكرا.))(6)
ولا بد من أن نشير إلى التمييز الذي يراه علماء
اللغة بين المؤنث الحقيقي والمؤنث المجازي، والذي "لا يعفي المؤنث المجازي من الخضوع لكل آليات التصريف التي يخضع لها المؤنث الحقيقي. وهو أمر يكشف عن تصور أنَّ(التذكير) هو الأصل الفاعل، والمؤنث لا فاعلية لـه. وبحكم هذه الفاعلية للمذكر من حيث هو الأصل الفاعل تصر اللغة العربية على أن يعامل الجمع اللغوي معاملة(جمع المذكر) حتى ولو كان المشار إليه بالصيغة جمعا من النساء بشرط أن يكون بين الجمع رجل واحد. هكذا يلغي وجود رجل واحد مجتمعا من النساء فيشار إليه بصيغة جمع."(7)

***

الهوامش:

1- الجوهري، إسماعيل بن حماد (332هـ - 393هـ).
2 - ابن منظور، محمد بن مكرم (630هـ 711هـ).
3 - المرتضى الزبيدي، محمد بن محمد (1145هـ - 1205هـ).
4 - محمد بن زياد، راوية وعلاَّمة باللغة (150هـ 231هـ).
5 - ج4: 445
6 - د.سعاد الحكيم، بحث في مجلة التراث العربي: اتحاد الكتاب العرب، عدد80، تموز2000
8- المرأة في خطاب الأزمة: نصر حامد أبو زيد، ص21-22



hglvHm td hggym