تحولات التراب:

في لقاء جمع بين التراب وشيء من متغيراته دار حديثٌ مثيرٌ للدهشة.. يسترعي النظر، ويحتم على من يعرف القراءة، أو من ينبغي عليه معرفتها، أن يقف على حقيقة ما دار بينهما من مصارحة وتجاذب أطراف الحوار بشفافية مطلقة..
كنت أنا ذلك الطرف الآخر المتغير، وكان التراب من بادرني بسؤال مباغت ودون مقدمات الترحيب أو الاستهلال: من أنت؟ أجبته أنا شخص من الناس يمني عربي مسلم نادني أبي وأمي ذات يوم مبخوت ومن حينها ما زلت أحمل هذا الاسم. قال لي - وأنا أحاول أن أغادر لانشغالات كانت تحتم عليّ قطع الحديث معه وأن أمضي في حال سبيلي- لِمَ أراك تتململ كالذي لا يريد الحديث معي؟! قلت معذرة هناك ما يهمني أكثر من هذا الحديث معك.. كأنه استغرب حتى الحنق من إجابتي وقال لي: ومن يكون الأكثر أهمية مني؟ فقلت: إني أسعى في تحقيق أهدافي ولا وقت عندي لأضيعه معك.
فاجأني بقوله: وهل هناك هدفا على الأرض أكثر أهمية مني؟! ضحكت وبسخرية منه همست عن قرب منه وكأني همست بأذنه إن كانت له أذن: وهل أنت مهم؟! ألا تشاهد من حولنا الآخرين ما أهدافهم وماذا يصنعون؟ خذ مثلا ذلك الرجل الذي يلج ذلك المبنى الذي يسمونه البنك، إنه مالكه، وقد كان مثلي يطؤك ويمضي والآن لا يطأ إلا أغلى المراكب وأفخمها، لا تكاد قدمه تقترب منك أو تلامسك، وانظر هناك إلى ذلك الرجل أنا أعرفه جيدا، هل تعرف تلك المرأة الجميلة التي تبتسم له ويبتسم لها وكأنهما غارقان في الحب، وهما كذلك، لقد كانت هدفا منشودا بالنسبة له وهاهي قد صارت حقيقة ملموسة.. وذلك البرج الزجاجي الشاهق كان شكلا هندسيا في خيال ذلك المهندس الذي رسمه على الورق ثم جسمه ثم أنشأه والآن هل تشاهد تلك الشرفة أعلاه إنه الآن يتناول فيها فنجان البن كعادته وهو ييتجول ببصره في كل اتجاه على مقعده المتحرك.. وهل... قاطعني لا تكمل ليس عندي الكثير من الوقت لتعرفني بما أعرفه أكثر منك، وهل تعرف عني أكثر مما أعرفه عن نفسي؟!
قاطعته: لم أفهم ماذا تقصد؟ ومن قال لك إني أتحدث عنك؟! قال وعمن تتحدث؟ هل نسيت من أنت ومن ستكون؟ وما تلك الأشياء التي تتحدث عنها وما ستكون؟
أيها الإنسان اِذهب حيث شئت، اُركُض ورائي كما شئت لقد أغْرَتْكَ كثيرا متغيراتي الزائفة، ليتك عرفتها على حقيقتها كنت وفرت على نفسك ذلك الجهد و انشغلت بما هو أهم مني في الحقيقة.. ليتك اكتفيت بافتراشي للصلاة..



jp,ghj hgjvhf: hgjvhe jp,ghj