أهلا وسهلا بك إلى منتديات يل.
النتائج 1 إلى 2 من 2
جميع المعجبين2معجبين
  • 1 Post By Afif Al-shaibani
  • 1 Post By Jhone.AbrahM

الموضوع: تعريب أم اقتباس ؟؟؟

  1. #1
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Jun 2012
    المشاركات
    19
    معدل تقييم المستوى
    0

    تعريب أم اقتباس ؟؟؟

    تعريــــــب أم اقتبــــاس؟
    للأستاذ عبدالحق فاضل
    (بغداد/ العراق)

    الذي أريد إليه: هو (تعريب) بمعناه القديم أم الحديث؟
    ذلك بأن المعنَيَيْن قد تعارضا أخيراً وتناقضا في هذه الكلمة الواحدة. فقديماً قالوا: عرَّبْت الاسم الأعجمي وأعربته، بمعنى: نطقت به على نهج العرب،
    على تعبير المعجم. وبتعبير أوضح: استعملته في عربيتك ونطقته على طريقة لغتك. ومن ثم أطلق اللغويون "المعرَّب" – زنة المظفر- على الدخيل
    في العربية. أما اليوم فصاروا إذا اقتبسوا الأسماء الأعجمية نطقوا بها على الأغلب على النهج الأجنبي؛ مثل: تلكس وفولت وهونگ كونگ، حتى يكتبونها هونغ كونغ
    .. أي ينطقونها بالحركات الممالة الأجنبية والحركات الأجنبية.
    ثم تغير معنى (التعريب) حين استعمله بعض المتأخرين بمعنى الترجمة، فقالوا هذا الكتاب تعريب فلان، أو عرَّبه فلان، أي ترجمه من لغة أعجمية إلى العربية.
    وهذا بطبيعة الحال عكس المعنى السابق الذي يعني اقتباس اللفظ الأعجمي واستعماله في العربية بدلاً من ترجمته. والأمثل فيما يبدو، في حالة نقل الكتاب الأجنبي
    إلى العربية، أن يسمى العمل (تعريباً) إذا عبَّر الناقل عن الفكرة بأسلوبه هو دون تقيّد بتعابير الأصل، وأن يسمى (ترجمة) إذا التزم بأسلوب الأصل وتعابيره.
    وانقلب (التعريب) قلبة أخرى يوم استعملوه في قولهم (تعريب التعليم)، مثلاً، بمعنى: ترك اللغة الأجنبية في التعليم وإحلال العربية محلها. ولو سمعها أحد العرب
    القدامى لتساءل متعجباً: هل المقصود هو التعليم باللغة الأعجمية مع نطق ألفاظها "على منهاج العرب"؟ ذلك بأن المعنى القديم قد انقلب في اصطلاح (تعريب التعليم)
    تماماً من (تعريب الاسم الأعجمي) أي استعماله في العربية بمعناه الأعجمي مع تحوير نطقه بما يلائم اللسان العربي، إلى طرد اللغة الأجنبية وإحلال العربية محلّها.
    وبما أن هذا المعنى الأخير المستحدث هو الشائع الدائر على الألسنة والأقلام اليوم، وهو الذي يعرفه أبناء الجيل الجديد، فلستُ أجد مناصاً من الأخذ به في حديثي هذا،
    ولا أجد مناصاً كذلك من أن أستبدل بـ(التعريب) بمعناه القديم كلمة أخرى ترفع اللبس وتزيل التناقض. ولنقل أنها (الاقتباس).
    * * *
    كثيرون يقترحون علينا اقتباس المصطلحات الأجنبية كما هي، بدلاً من صوغ ألفاظ عربية تؤدي معناها. بعض هؤلاء من أَجِلّة العلماء الذين لا شكّ في إخلاصهم للعربية
    وإكبارهم لشأنها. ومن حُجَجهم أن العلم صار يتطوّر بسرعة عظيمة، والمصطلحات تتكاثر؛ فكلّ يوم يولد نحو خمسين مصطلحاً في مختلف العلوم والصنايع في مختلف
    أقطار العالم. ومن حججهم أيضاً أن اقتباس المصطلحات الأعجمية يساعد الدارس العربي على فهمها حين يقرؤها في لغة أجنبية، بدلاً من الاضطرار إلى تعلّمها من جديد.
    وثالثة هي أن العرب قد أكثروا من الاقتباس قديماً، ولا سيما في عصر الازدهار الحضاري على العهد العباسي، وعَدَّ بعضهم هذا من أمارات ذكاء العرب وحسن تدبيرهم.
    وجوابنا على كثرة المولود يومياً من المصطلحات عند الفرنجة أن معظمه لا شأن له بنا من العلوم التقنية الحديثة التي لا نعرف عنها شيئاً، أو لا نعرف عنها إلا القليل،
    والتي سوف نتعلمها ونحتاج إلى مصطلحاتها بعد ردح من الزمن، لَعَلَه طويل. كما أن مصطلحات اليوم غير متّفق عليها عند مختلف الأمم، مثل اتفاقهم على
    المصطلحات القديمة التي كانوا يختارون ألفاظها من اللغة الإغريقية أو اللاتينية، لكيلا تختلط – ولا سيما أسماء المخترعات الحديثة – بألفاظ لغتهم اليومية من
    قبيل telephon بمعنى Voice a far بالإنكليزية أي: صوت من بعيد، و telegragh بدل script afar أي: كتابة من بعيد.
    بل صاروا الآن، لكثرة المخترعات وابتكار الأدوات يومياً، يتعجّلون تسميتها، كلّ بلغة قومه: أحياناً يصوغ اسمها الطبيب المشتغل بها، وأحياناً المهندس، أو حتى
    العامل. في معجم النفط – مثلاً- الذي عَمِلْتُ في وضع مصطلحات عربية للكثير من مصطلحاته الإنكليزية يطلقون (head: رأس) على أجهزة القسم الأعلى
    من البئر. فهل نسمّيه على مذهب مؤيدي الاقتباس: (هِد)؟ أنا آثرت ترجمة المصطلح بدل اقتباسه، فاخترت له كلمة (الهامة) لأني وجدتها أوفى بالمرام.
    وإحدى الأدوات يسميها المعجم الأمريكي (عنزة). ويبدو أن هذه لم تكن من وضع عالم أو مجمع لغوي، فلعلّها من وضع أحد العمال، وَجَدَ رأس الأداة أو ذيلها
    أو شكلها العام يشبه العنزة في تصوّره. فهل يجب أن نقتبس اسمها (كوت: goat) ثم ننطقها – على منهاج العرب (قوت) بالفتح، أو (جوت) بالنطق المصري؟
    (نسيت الاسم العربي الذي وضعته لها).
    وإذا كانت اللغات الإفرنجية تتّفق غالباً في الأسماء المصوغة من الإغريقية أو اللاتينية، كالذي ألمحنا إليه، فإن بعضها يتغاير حتى في هذه، كالألمانية التي تخالف
    أخواتها الأوروبيات في كثير من هذه المصطلحات المشتركة. فأما المصطلحات التي يصوغها كلٌّ بلغة قومه فلا يمكن بحال أن نقتبس واحدة منها من لغة
    إلا لنخالف الأخريات.
    فهذا الإشكال الذي يبتغي أنصار الاقتباس أن يُحِلّوه للعربية قد أخذت تعاني منه جميع لغات الأرض؛ حتى الفرنجة لم يبق لهم محيد عن الترجمة، كل إلى لغته:
    الفرنسيون يترجمون إلى لغتهم المصطلحات المستحدثة في الإنكليزية والألمانية والروسية، والإنكليز يترجمون إلى لغتهم ما استُحدِث منها في الفرنسية والألمانية
    والإيطالية، إلخ. ولا سبيل للعربية تسكله غير هذا السبيل، مثلهن، أي الترجمة، بل التعريب – وإن بين الكلمتين لَفَرْقاً نَوَّهْنا بشيء منه آنفاً، وسيعود إلينا نموذج منه
    بعد-
    وبالإضافة إلى اختلاف اللغات في ألفاظ المصطلحات نذكر أن اللغة الواحدة الإفرنجية قد تختلف مفرداتها في داخلها؛ فشركات النفط، مثلاً، لا تتشاور فيما بينها
    حين يستدعي الأمر وضع مصطلح جديد، بل تضع كلّ واحدة منها المصطلح الذي يعنّ لها للآلة الواحدة، أو الحالة الواحدة، حين تصادفها في أثناء الحفر
    أو التصفية أو غير ذلك.
    فإذا نحن أردنا اتباع قاعدة الاقتباس، فأية لغة نتبع، ولكلٍّ لغة، وأحياناً لكلِّ شركة معجمها؟
    أما الإشادة بذكاء العرب الغابرين لأنهم اقتبسوا الألفاظ والمصطلحات، فمن باب الإغراء والتشجيع على الاقتباس الذي قد يدلّ على أي شيء سوى الذكاء. فالاقتباس
    سجيّة جميع اللغات، ولا سيّما القاصرة البدائية منها؛ فكلّما زادت اللغة إملاقاً وقَلَّت مقدرةً على التعبير كَثُر اقتباسها من اللغات الأخرى التي تحتكّ بها. (وقد يكون
    للاقتباس أسباب أخرى غير الفاقة اللغوية، لا محلّ لها هنا).
    وقد تكاثرت المقتبسات في عهد الترجمة العباسي حقاً، لكن سبب ذلك على الأغلب ضعف لغة المترجمين، وضآلة بضاعتهم من العربية – وقد كان بعضهم من غير
    العرب الفصحاء، فشاعت بسببهم مصطلحات أجنبية لم يعرفوا كيف يترجمونها إلى العربية، مثل: الفلسفة، والجغرافيا، والأجرومية، والارتماطيقا، والطبوغرافيا،
    وكثير غيرها؛ فحيثما جهل المترجم معنى الكلمة الأعجمية (إغريقية أو غيرها) أو لم يَهْتَدِ إلى الكلمة العربية المقابلة لها، أَقْحَمَ الكلمة الأعجمية في ترجمته العربية.
    لكن العرب نقّحوا تلك الترجمات فيما بعد، ووضعوا الكثير من الألفاظ العربية بدل الأعجمية، مثل: الحكمة بدل الفلسفة، وتقويم البلدان بدل الجغرافية، والحساب
    بدل الارتماطيقا...
    ولأمرٍ ما ثَبَتَ بعض المصطلحات الأعجمية بدل العربية، مثل الفلسفة، والاسطرلاب، والجغرافيا، والكيمياء، وغيرها. لكن هذه قليلة إذا هي قيست بالمصطلحات
    العربية التي لا تحصى في الفلسفة والمنطق والرياضيات والفلك وغيرها.
    ولو أخذ العلماء العرب عهدئذ كل المصطلحات الأعجمية كما هي من الإغريقية واللاتينية والهندية .. لضاع علينا من لغتنا هذه العربية خير كثير.
    ولئن كنت أعاضد (التعريب) وأعارض (الاقتباس) فلست أجهل صعوبة التعريب، وما زالت ألفاظ أعجمية تبحث لنفسها عن صيغ عربية تلابسها، لأنها لم تجد
    لدى المجامع ولا الجامعات حتى اليوم ما يقابلها من العربية، وبعضها لن تجد لها ما يقابلها إلا بعد زمن طويل.
    عَمِلْتُ في مكتب تنسيق التعريب في الوطن العربي (التابع لجامعة الدول العربية) – في الرباط - اثني عشر عاماً، ومارستُ تعريب المصطلحات في بعض
    المعاجم، وكتبت دراسات عن بعضها (دون توقيع)، فوجدت أن العقبة الكبرى في طريقي هي أني أحس بوجود كلمة عربية تؤدي المعنى المراد بالمصطلح
    الأجنبي، لكني لا أتذكرها. أما الكلمات المعجمية التي أعلم أني لا أعرفها فما أوفرها عدداً! وما مرّت بي مناسبة من هذا القبيل إلا اشتدّ شعوري بحاجتنا الماسّة
    إلى معجم للمعاني إلى جانب هاته المعاجم الكثيرة للألفاظ. فعندما كتبتُ (في مجلّة اللسان العربي) دراسة عن معجم (الطيران المدني)، مثلاً، عَرَضَتْ لي أنواع
    من الغيوم والرياح والتحليق في الطيران والإسفاف فيه، أعلم أن أسماءها موجودة في العربية، لكني لا أعلم كيف أجدها. كذلك كتبتُ عن المعجم العسكري الموحِّد
    دراسة وجيزة، تمنيّت في أثناء تحبيرها لو كان تحت يدي معجم للمعاني يتناول كل مفردات الهجوم والدفاع وتقسيم الجحافل والكراديس، وكل ما يتعلق برتب القادة
    وغيرهم من جنود وعرفاء وما إلى ذلك. ومثل هذا يقال عن معجم النفط، والجغرافيا، والتاريخ، والفلسفة، وكل معجم يضعه المعرّبون في علم النفس، والتربية، والاقتصاد
    ... فلكل من هذه المعاجم وغيرها من معاجم الاختصاص ذخيرتها المكنوزة في مستودع اللغة العربية الشديد الغنى. لكن كيف نعثر عليها؟
    من فضلك لا تقل لي ارجع إلى (مخصَّص) ابن سيده. إنه معجم جليل الشأن حقاً، ومؤلفه الضرير عبقري حقاً- لكنه قديم، لم تكن أشتات اللغة العربية قد جُمِعت
    عند تأليفه، في القرن الثالث الهجري، وخاصة في الأندلس، وطن المؤلف؛ فقد ظهرت بعده، ولا سيما في المشرق، مفردات كثيرة لا وجود لها فيه. ثم إن القارئ يتوه
    فيه في تفاصيل لا يحتاج إليها عن كل لفظة، تفيد الدارس اللغوي لكنها ترهق القارئ المستعجل، الذي همُّه أن يستعرض الألفاظ الدائرة حول المعنى المطلوب دون
    دخول في تشعّبات اشتقاقاتها ومختلف معانيها. يضاف إلى ذلك أن (المخصص) لا يستوعب كل المواضيع، فضلاً عن أن تبويبه غير عصري، وفهرسته غير دقيقة
    ولا واضحة.
    ولو تيسر لجيلنا معجم للمعاني يجمع كل ما يتعلق بالضوء في مكان، وكل ما يتعلق بالأحلام في مكان آخر، وكل ما يتعلق بالجهاد والنضال في مكان ثالث، وكل ما يتعلق
    بالدرس والحصاد في رابع وخامس ... لأمكننا في معظم الحالات أن نجد الكلمة العربية المطلوبة مقابل المصطلح الأعجمي، بالدقة أحياناً، مما سبق للعرب أن استعملوه
    وأودعوه معاجمهم؛ لكننا لا ندري كيف نعثر عليه.
    أزجي بعض الأمثلة من معجم صغير ترجَمْتُه عن الإنكليزية والفرنسية باسم "معجم صيانة الطبيعة"()، واجهتني فيه مصطلحات أعجمية لا تستعمل اليوم في فصحانا
    مقابلاتها العربية. نذكر منها falconry (fauconnerie بالفرنسية) ويشرحها المعجم بقوله إنها "استخدام طيور كاسرة للصيد". فأية الكلمتين الأوروبيتين نختار
    إذا أردنا الاقتباس بدل التعريب أو الترجمة؟ هذا، ولكل لغة أوروبية أخرى كلمتها التي تؤدي لأهلها هذا المعنى. أفليس الأمثل أن نؤثر كلمتنا العربية التي استعملها
    العرب قديماً بالفعل لهذا المعنى وهي (التَصَقُّر)؟
    ثم هناك مصطلح relict (وهو بالفرنسية: relicte) يُعَرِّفه المعجم بأنه "نوع أو سلالة من نباتات أو حيوانات متخلفة من فصيلة سالفة أكبر". فما الداعي إلى
    الأخذ بالمصطلح الأجنبي وعندنا في العربية (الخالفة) وهي معجمياً "الأمة الباقية بعد الأمة السالفة"؟
    كذلك dust storm (بالفرنسيةtempête de poussière ) .. كثيراً ما يستعمل المعاصرون من كتّابنا العرب مقابلها (عاصفة ترابية) بينما لدينا في
    العربية كلمة واحدة تؤدي هذا المعنى هي (السافية) أي "الريح التي تحمل التراب".
    ثم mass mortality (بالفرنسية mortalité massive) .. بأية صيغة أجنبية نقتبسها؟ بعضهم يترجمونها لفظياً بكلمتي (الموت الجماعي).
    ويقول المعجم المذكور بين قوسين (في الروسية مصطلح خاص "زامور Zamor) للموت الجماعي في الأسماك بسبب عوز الأوكسجين أو التسمم). ومعنى
    هذا أنه ليس لديهم في الإنكليزية والفرنسية كلمة واحدة تؤدي هذا المعنى لهم. فما الداعي إلى اقتباس المصطلح – الروسي أو غيره – أو ترجمته بكلمتين وعندنا
    في العربية (السَوَاف) – زنة الطَوَاف – أي: "الموت يقع في الإبل أو الماشية"؟
    ما علينا إلا أن نبحث في لغتنا فنجد حاجتنا من الألفاظ المعبّرة عما نروم بالدقة أو بما يقاربها. وسنجد أنها في كثير من الأحيان أغنى حتى في المصطلحات، وأدق من الأجنبية. من ذلك مثلاً eulitteral (بالفرنسية Zone eulittrale) يعرّفها المعجم بأنها "المنطقة تَغْرَق دوريّاً لوقوعها بين حدود تَغَيُّر مستوى الماء"، أي تقع بين مستوى صعود المدّ أو الفيضان وهبوطهما. بينما هذه الكلمة الأجنبية لا تؤدي كل هذا في لغتهم، وإنما هي تعني لغوياً عندهم (الساحلي) فحسب. وما كل أرض ساحلية يصيبها الغرق دورياً على هذا النحو، لكنهم استعملوها لأنهم لم يجدوا في لغاتهم كلمة واحدة تؤدي هذا المعنى الطويل. فهنا لم (أترجم) لفظ المصطلح المغاير لمعناه اللغوي بكلمة (الساحلي) أو ما يماثلها، بل (عَرَّبتُه)، أي وضعت مقابله الكلمة العربية التي تؤدي بالدقة هذا المعنى، وهي (الرَقَّة) – زنة البَطّة) – ومن معانيها: "الأرض يغمرها الماء وينضب عنها" على تعبير المعجم؛ وهي مستعملة في الدارجة العراقية أيضاً بهذا المعنى، وربما في دارجات أخريات كذلك.
    على أن ثمة مفردات عربية كثيرة أعرفها لكني لا أتذكرها عند الحاجة إليها. وأكثر مما أتذكر أو لا أتذكر من المفردات التي أعرفها هي المفردات التي لا أعرفها.
    فهنا تتجلى من جديد فائدة معجم للمعاني، عصري، يَتِمُّ فيه جَرْد كلّ معاجمنا العربية وكتب اللغة المعتمدة، وفرزها بحسب معانيها، ليقدّمها لنا مصنفة مبوبة مفهرسة؛
    وما علينا عندئذ، حين يجابهنا مصطلح أجنبي لا يحضرنا مقابله العربي، إلا أن نفتح معجمنا ذلك على الباب المطلوب. حتى إذا لم نجد المعنى المروم بذاته جاهزاً،
    فإن مفردات المعاني المتصلة به أو القريبة منه، تساعدنا على صياغة المصطلح العربي بالصورة التي تلائمنا وتفي بحاجتنا. وفي هذا مساعفة، أية مساعفة، للمشتغلين
    بالتعريب، تقفز بحركة التعريب ووضع المصطلحات قفزة كبيرة إلى أمام وإلى أعلى، في هذه الفترة التي يجتاز فيها وطننا العربي أزمة تعريب، ونهضة تعريب، معاً.
    وعندئذ يتيسر العمل حتى لغير اللغويين من المشتغلين في هذا المضمار.

    هذا المعجم – حَلّال المشاكل التعريبية – موجود، لكنه غير مطبوع، كان قد ألّفه اللغوي الذي يكاد يكون مجهولاً في هذا الجيل، وهو المرحوم سالم خليل رزق،
    منذ عام 1933، بعد أن عمل فيه أكثر من عشرين عاماً، ثم فارق هذه الدنيا ولم تكتحل عيناه برؤية إنجازاته تؤدي وظيفتها في خدمة هذه اللغة التي أَحَبَّها وهام
    بها، بدليل أنه بذل كل هذا الجهد الشاقّ في سبيلها، وبدليل تسمية معجمه (لآلئ العرب).
    كمثال بسيط أذكر أن من يعمل في تعريب المصطلحات – ولا سيما من غير اللغويين المتبحرين في العربية – قد يتحيّر إذا جابهته بالإنكليزية كلمات تعني الكتابة،
    وقد ورد كل منها في معنى اصطلاحي خاص، مثل:
    Putting down, graph, scription, writing, booking, recording, ... فإذا لم يكن ممن يعرف إلى جانب (الكتابة): التسطير، والتحبير،
    والتدبيج، والتحرير، والتسجيل، والتدوين، والتقييد ... فما عليه إلا أن يفتح (لآلى العرب) في الباب المختص ليجد أمامه أكثر من ثلاثين كلمة تعني الكتابة بمختلف
    أنواعها، وبضمنها الكلمات الآنفة.()
    * * *
    لكني لا أناصر التعريب بسبب ما تقدم فقط من ثراء العربية وقدرتها على الاكتفاء بنفسها، ولا لأنها كانت الإمام والقدوة في المصطلحات العلمية إبّان ازدهارها حضارةً
    وثقافةً، ولا اعتزازاً قومياً، ولكن بدافع علمي خالص، عالميّ، أيضاً.
    ذلك بأني صرت أعتقد – بعد طول تأمل في هذه العربية ومقارنة لها مع غيرها – أنها هي أم اللغات الآريات، بالإضافة إلى الساميّات والحاميّات، كما أعلنتُ مراراً؛
    بل أنها أم لغات أخريات أيضاً لم يتيسّر لي بعد إعداد دراسات وافية عنها. وجدت في الإنكليزية مثلاً أن كلمة river (نهر) يعود رسّها (= جذرها الصوتي) إلى قول
    العربي الأقدم (هو ووو) محاكاة لصوت هبوب الريح، وأن two (اثنين) تعود إلى قوله (طو) محاكياً صوت انكسار الغصن، وأن logic (منطق) ترجع إلى قول الطفل
    العربي (لغ لغ لغ)، وأن (sonata نوع من المعزوفات) ترجع إلى قول الفروج العربي (صو صو صو)() ... ولا يقتصر هذا على الإنكليزية طبعاً، فهو ينطبق
    على الآريات بوجه عام وبعض لغات أخريات كالذي مرّ التنويه به.
    معنى هذا أن اللغويين الأوروبيين لا بدّ لهم من درس العربية بأصولها وفروعها ليتعرفوا على المنشأ الذي انبثقت منه مفردات لغاتهم؛ لأنها – أي العربية- ما زالت
    نقية تحتفظ وحدها بين اللغات الراقية بالكثير من الجذور اللغوية الأولى التي ضاعت من جميع بناتها الساميّات والحاميّات والآريّات.
    والمصطلحات الأجنبية الوفيرة التي أخذت تنهمر علينا – إذا اقتبسناها بدلاً من تعريبها – أفسدت نقاء هذه العربية، وعكّرت صفو معاجمها، خَلْطاً بين دخيل وأثيل.
    الاقتباس أسرع طريقة فعلاً وأسهلها لتوسيع اللغة، لكنْ لتضييع أصالتها أيضاً؛ فالإنكليزية اليوم أغنى لغات الأرض، لأنها دأبت على اختطاف كل مصطلح أو لفظ أجنبي
    يعرض لها، دون أن تحاول اشتقاق صيغة لها من مفرداتها، حتى غدت أوفر اللغات ثروة، وأوفاها بحاجة الإنسان والباحث المعاصر. لكنها – كلغة- من أفقر اللغات أيضاً
    إذا بحثنا فيها عن المفردات الإنكليزية الأثيلة. وليس ثمة لغة إنكليزية في الحقيقة، لأنها كلها خليط من اللغة المحلية (الولزية) والسكسونية (الجرمانية) والفرنسية
    والاسكتلندية ولغات أوروبيات أخريات. ثم جاء عهد الاقتباس – الاستعماري- من كل لغات الناس.
    * * *
    المصطلحات التي أجدني متردداً بين تعريبها واقتباسها هي التي يرجع لفظها الآري إلى رس عربي. أذكر من أمثالها ما يأتي:
    تلفزيون:
    وهي أهم الكلمات الأعجمية، العربية الأثل، التي تواجهنا الآن، لشيوعها في كل أقطار الوطن العربي. وكنت اقترحت لفظة (المِشْواف) تعريباً وترجمةً لاسم هذا
    الجهاز (television) المركب من vision (رؤية) وtele (من بعيد). أما (المشواف) فمن التشوّف إلى الشيء، أي التطلع إليه؛ و(الشَوّاف) من الناس:
    الحديد البصر، والشِّيفة (زِنَة السيدة) والشيفان (زنة السيّدان): طليعة القوم الذي (يشتاف) لهم، أي يستطلع حركات العدو. فمعنى (المِشْواف) مطابق لمعنى
    (التلفزيون)، أي الرؤية من بعيد، أو بالأحرى أداة الرؤية من بعيد، وهي أدق وأصوب. وقد استحسن اللفظة غير قليلين، واستعملوها في أكاتيبهم، لكنهم غير
    كثيرين أيضاً.
    غير أن صيغة (التلفزيون) هي الجارية على الألسن في كل مكان، وبعضهم صار يشتقّ منها، فأطلقوا (التلفاز) على الجهاز، و(التلفزة) على فن البث منه،
    و (تَلْفَزْت) المسرحية: أعددتها للإذاعة بالتلفاز، فهي (متلفَزَة).
    ويرجع مصطلح التلفزيون (television)، فيما يخيّل لي، إلى أثل عربي قديم. أما tele فلعلها من قول العربي تلى فلانٌ: تخلف .. وتلى فلاناً: سبَقَه وتَقَدَّمه ..
    وتلا بعد قومه: تأخر وبقي .. وأتلاه: سبقه أو أخَّره. وأصل المعنى تلاه: تبعه. وهذا ينمّ عن قابلية الكلمة للتطور والانحراف عن معانيها، شأن الكثير من الألفاظ العربية.
    ثم إن كثرة ما نجده من الألفاظ العربية متسربةً من اللغات الأعجمية تدعونا إلى البحث في العربية عن أثول الألفاظ الآرية التي لا يعرفون لها أثلاً في اللغات الأخريات.
    لهذا لا نستبعد أن تكون (tele) هذه التي تعني البعد منحدرة من فعل (تلى) بمعنى التخلّف والتأخر عن القوم، لشدة اتصاله بمعنى البعد عنهم. والمسافة بين هذين
    المعنيين أقرب مما بين المعنى الأصلي (الاتباع) والمعاني المتفرعة منه ولا سيما (السبق) – المناقض للاتباع- في العربية نفسها.
    وأما (vision) بمعنى الرؤية فأثلها من اللاتينية. وهي من (viso) أي وجه، بالإيطالية. ومرادفها (face) ينطق (فاﭼـِه) بالجيم المثلثة. وهذه صلتها بصيغة
    (وجه) العربية أوضح من أن تطلب إيضاحاً. ومن viso أو نحوها صيغت (visit) بمعنى الزيارة. والصلة بين الزيارة والوجه نجدها في العربية أيضاً،
    حيث اشتقوا من الوجه (المواجهة) بمعنى الملاقاة، والزيارة عند المحدثين. أما المعجم فيقول إن (المواجهة) تعني اللقاء وجهاً لوجه. ووجَّه (بالتشديد) إلى فلان:
    ذهب إليه (وهذا يعني زاره بطبيعة الحال).
    فعلى هذا يكون (التلفزيون) بشقيه (tele vision) من العربية أثلاً. وسؤالي هو: هل نقتبس هذه الكلمة كرامة لنسبها العربي العريق، أم نعرّبها
    .. بالمِشْواف أو غيره؟
    سوناتا:
    لها معناها الموسيقي العالمي المعروف. ويرجع رسّها (جذرها الصوتي) إلى حكاية صوت الفرّوج (صو صو صو) الذي منه قال العرب صأى الفرخ: أي صات.
    ومنه اشتقوا: صاء، ثم صاح، ثم صات وصوَّت .. ومن (الصوت) تظهر في الإنكليزية sound shout. ومن قبل ظهرت في اللاتينية بصورة
    sono sonitum. ومن هذه الأخيرة صيغت سوناتا sonata.
    جيولوجيا:
    هي بالإنكليزية geology، مركبة من الكلمتين الإغريقيتين: gé (أرض) وlogia (كلام) التي ألحقوها ببعض الأسماء بمعنى (العلم)؛ فيكون من مصطلحنا
    هذا: (علم الأرض)، وقد عرّبوه بـ(علم طبقات الأرض). وكنت شخصياً أطلقت على هذا العلم اسم (الأرْضانيّات) قياساً على (الأَحيائيّات) بمعنى علم الأحياء.
    والنسبة إلى الأرضانيات (أرضاني) فنقول المسح الأرضاني، والعهود الأرضانية؛ بمعنى المسح الجيولوجي والعهود الجيولوجية.

    إن كلمة (logy) المنحدرة من الإغريقية لوغيا: logia) أي الكلام ترجع بأثلها العربي إلى (لغة).
    وأما gé فتعني بالإغريقية الأرض، كما تقدم. وتقول المعاجم التأثيلية إن الاسم الأقدم للأرض في الإغريقية هو (gaia) .. وهنا نتذكر في العربية
    (الكاع) أي الأرض أيضاً، بالنطق البدوي والعراقي، والدارج في أقطار المعربة (الجزيرة العربية) بوجه عام. و(الكاع) فصيحها (القاع) وهو معجميَّاً:
    الأرض السهلة المستوية، على حين أن صيغة (الكاع) في الدارجات العربية يعني كما في الإغريقية الأرض إطلاقاً دون تحديد، وهو المعنى العربي الأقدم
    فيما نعتقد. وربما كانت صيغة (قيعة) أقرب إلى الإغريقية (gé)، وقد وردت في الآية "كسرابٍ بِقِيْعة يحسبه الظمآن ماء" أي كسراب بأرض. لهذا لا أجدني
    أتفق مع المعاجم التي تعتبر (القيعة) صيغة جمع فقط للقاع، بينما وردت في هذه الآية بمعنى الأرض الفردة؛ وليس من المعقول أن يكون معنى الآية: "كسراب
    (بأراضٍ) يحسبه الظمآن ماء".
    ثم هناك (القاعة) وهي مجمعياً: ساحة الدار، لكنها كانت تعني الأرض بعامة أيضاً، فيما أرى؛ أي أن صيغة (القاعة) المؤنثة ترادف (القاع) المذكر،
    مثل مرادفة الماءة للماء، أو النجمة للنجم، والليلة لليل.
    لهذا يغلب على الظن أن (gé) أثلها (قيعة) و(gaia) أثلها (قاعة) – بمعنى واحد. أي أن الكلمة العربية دخلت الإغريقية بصيغتها.
    وأما نطق القاف كافاً مخففاً فعادة عربية قديمة؛ وقد جاء الإسلام وقريش وحدها تنطق القاف قافاً قرآنياً، كما لا تزال تنطقه بعض الدارجات متخلفاً من القبائل
    القرشية ومن تأثر بها. أما سائر القبائل العربية فكانت وما زالت تنطقه كافاً خفيفاً. (وبعض الدارجات تنطقه جيماً أو همزة).
    فعلى هذا وذاك تكون الجيولوجيا: geology المؤلفة أثلاً من (كيه: gé) و(لوغيا: logia) كلمة أعربية (= عربية قدمى) أثيلة بمادتها، أعجمية
    بصيغتها. وهي كلمة أخرى أجدني متردداً بين اقتباسها بثوبها هذا الأوروبي وتعريبها بصيغة الأرضانيات، التي كنت اقترحتها واستعملها بعض اللغويين.
    تلفـون:
    هذه الكلمة الأجنبية قاومت مدة طويلة بعد انقراض زميلاتها الأخريات مثل (تلغراف: telegraph) الذي صار يدعى (برقية) و(غرامافون: gramaphon)
    الذي عُرِّبَ بصيغة: حاكٍ.
    بالرغم من أن بعض الأقطار العربية عرَّبت (التلفون) باسم (الهاتف) بقيت أقطار أخرى محتفظة باسمه هذا الفرنجي، واشتقت منه (تَلْفَنَ يُتَلْفِن)؛ على حين
    أن (الهاتف) بالرغم من عروبته لا يصاغ منه (هتفت لفلان) بمعنى تلفنت. كما أن تسميته العربية هذه تعوزها الدقة اللغوية، فمن حقه أن يدعى (مهتوفاً به)،
    أما (الهاتف) فالإنسان المتكلم بالجهاز لا الجهاز نفسه. وكان الصواب أن تؤخذ له إحدى صيغ اسم الآلة: مِهتاف، مِهْتَف، مِهْتَفَة، هاتوف! ..
    لكن صيغة (الهاتف) هذه المغلوطة معنى ومبنى طفقت تطارد (التلفون) من قطر إلى قطر، إلى أن تبنّاها الأكثرون، حتى في العراق الذي بقي حيناً من الدهر
    متمسكاً باللفظة الأجنبية. وأحسب أن هذا سيكون مصيره في بقية أرجاء الوطن العربي.
    و(التلفون: telephon) مركب، كما هو معلوم، من (tele) التي سبق لنا تأثيلها و(phon): صوت، التي يخيل لنا أن أثلها الأعربي (= العربي الأقدم)
    هو (الفوه) أي الفم، الذي تنطقه الدارجة المغربية بالضم (فم)، وبعضهم يمدّه على عادة المغاربة في مد بعض الحركات: (فوم) .. وهي ظاهرة نطقية متخلّفة
    من عادة أعربية لبعض القبائل القُدْمى. وقد استعملت العرب (الفوه) بمعنى الكلام في قولهم: فاه يفوه فَوْهاً، أي نطق .. وتفاوَهَ القوم: تكلّموا. وليس بمستبعد
    أن تكون (فون: phon) تحريفاً يسيراً من (الفوه) بالضم: فم، أو (الفَوه) بالفتح: مصدر فعل "فاه يفوه"، أي ينطق.
    تكنولوجيا:
    Technology .. أما (لوجي logy) فقد تحدثنا عنها، وأما (تكنو: techno) فأثلها الإغريقي (تخنه: technè) أي الفن. وأثلها العربي هو (التِّقْن)
    زنة الفِكْر، أي الطبع، في مثل قولهم: "الفصاحة مِنْ تِقْنِه، أي من طبعه"، فهي على هذا تعني الملكة والفطرة – أي الموهبة أو ما إليها. وهي من (الإتقان):
    الإحكام. والرجل (التَقِن) زنة الشَرِس هو "المتقن للأشياء، الحاذق في العمل".
    إذن فـ(التكنولوجيا) أيضاً عربية أثلاً. ولكن إذا أخذنا بها فلا ينبغي أن نفرّط بصيغة (التِقْنِيّات) و(التِقْن) وإنما نقتصر في استعمال (التكنولوجيا)
    على المَواطن التي لا تفي (التقنيات) بالتعبير الدقيق عنها، فيما إذا جابهتنا مثل هذه المواطن.
    بنزيـن:
    هذه الكلمة الأعجمية ترجع كذلك إلى أثل عربي، لكنها غير خالصة النسب في العروبة ولا هي قديمة، ولا صلة لمعناها الحالي بمعناها الأصلي. فهي من
    مولَّدات العهد الإسلامي أولاً، ومنحوتة من كلمة عربية وأخرى أعجمية، ثانياً. وذلك الأثل هو (لبان جاوة) وهو نوع من الصمغ العطر كان يجلبه التجار العرب
    من (جاوة) إلى أوروبا، ولا علاقة له بالبنزين المستعمل وقوداً للسيارات ونحوها. لكن الفرنسيين سموه (بنجوان: benjoin) بعد حذف لام (لبان) ظنّاً منهم،
    فيما يظهر، أنه لام التعريب (في لغتهم). وعنهم أخذه الإنكليز بنفس الكتابة (benjoin) لكنهم نطقوه على طريقتهم (بنجوين)، ثم جعلوه (بنزوين: benzoin).
    ثم تطور معناه أيضاً حتى صار (بنزين: benzin).
    جغرافيا:
    أما هذه فلا مجال الآن لمناقشة الاحتفاظ بصورتها الإغريقية هذه أو تعريبها بلفظ عربي مبين، لأنها شاعت وفرضت نفسها بالرغم من أن العرب سبق أن
    عرّبوها باسم (تقويم البلدان) ثم اختصروها إلى بلدانيات.
    وهي من الإغريقية (gé: أرض + graph: كتابة) أي علم الكتابة عن الأرض.
    أما (كيه: gé) فقد أثلناها عند كلامنا عن (الجيولوجيا)، وأما (كراف: graph) بمعنى الكتابة فيخيل لنا أنها من العربية أيضاً.
    ذلك بأن العرب قالت خرفش شيئاً: خَلَّطه (بالتشديد)، وهي من قولهم خربش الكتاب (أي المكتوب): أفسده. وهذا المعنى مستحدث في الكلمة، سبقه معنى
    التقريب في الكتابة بين الكلمات والسطور، الذي عدوه إفساداً بالقياس إلى المباعدة بينها تَطَلُّباً للوضوح والرفاهة. وهذا المعنى المضاع من الكلمة نجده في قولهم:
    قَرْمَدَ كتاباً: كتبه دقيقاً وقارب بين سطوره، وبنفس المعنى قالوا: قَرْمَط الكتاب. ومن هذه الفصيلة قولهم: حَرْفَصَ في المشي: قارب خطاه، وفي الكلام: قاربه.
    وأصل المعنى في كل هذا هو الإفساد، في لفظ (خربش) المشتق من (خَرَّب). وعند انتقال المعنى إلى الكتابة صار يعني التقريب بين الكلمات والسطور، باعتبار
    ذلك نوعا من الإفساد. وليس ببعيد أن تكون graph الإغريقية بمعنى الكتابة تحريفاً تطورياً لكلمة (خرفش) أو (خرَّب)، بمعنى الكتابة المتقاربة أولاً، ثم الكتابة
    مطلقاً. وقد رأينا أن التحريف كان أكبر في كلتا الكلمتين لفظاً ومعنى في داخل العربية الأم.
    فاصطلاح (الجغرافيا) هذا الذائع على الألسنة، الراسخ في المدونات العربية، لم يعد في الإمكان تعريبه، أي استبدال لفظة عربية به، حتى لو قرّرنا طرد
    أمثاله من المصطلحات الأجنبية التي يرجع نسبها البعيد إلى العربية.
    فونوغراف:
    وقد وردت بصيغتي (phonograph) و(gramophon)، وكلتاهما تتألفان من مادتي phon (صوت) و(graph) (كتابة) اللتين تَقَدَّم تأثيلهما
    – بمعنى تسجيل الصوت. أما هذا المصطلح فقد انقرض مذ شاع بدله (الحاكي)، ولم نعد نقرأ لأحد تعبير (الفونوغراف) أو (الغرامافون)، كما انقرض
    (التلغراف: telegraph) الذي حَلّت محلّه (البرقية). ولم يعد بالإمكان إحياؤه حتى لو أردنا؛ أي أنه أصبح (معرَّباً) بالمعنى الحديث للتعريب، وشأنه
    عكس شأن (الجغرافيا) مثلا – المعرّبة بالمعنى القديم.
    على أن الإنكليزية أيضاً أهملت المصطلح بصيغتيه، وصارت تدعو الحاكي الحديث باسم (بيك أب: pick-up) الذي شاع في الدارجات العربية ولغات أخرى.
    مــتر:
    مَتَرْت الحبل: مددته. ومعلوم أنهم كانوا يقيسون مساحات الأراضي بالحبل، ومن هنا نشأ (المتر: meter) وفعل (measure) أي يقيس طولاً أو ثقلاً
    أو حجماً أو أي شيء – في الفرنسية والإنكليزية عن طريق اللاتينية.
    و(المتر) أيضاً أصبحت عربية، بل عالمية، ولم يعد بالإمكان الاستبدال بها، لو أردنا.
    * * *
    لا حاجة بي – بعد الذي تَقَدَّم – إلى إعادة القول إني من أنصار التعريب، ضد اقتباس الألفاظ الأعجمية المحض. لكن تساؤلي هو كما قلت: ما هو موقفي
    من هذه الأسماء الأجنبية التي يكشف لنا التأثيل عن محتدٍ لها في العربية عريق؟ هل نرفضها؟
    أم نقبلها، لا أقول مباهاة بها بين الأمم، لكن إعزازاً لها، وتكرمة لنسبها العربي، وتدليلاً علميّاً على أمومة العربية لكثير من اللغات؟
    فهذا الأمر الذي لا أزال أراني متردداً فيه.



    juvdf Hl hrjfhs ??? juvdf

    عبد الصمد يوسف معجب بهذا.

  2. #2
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Jun 2013
    المشاركات
    3
    معدل تقييم المستوى
    0

    Question السلام عليكم


    هو (الفوه) أي الفم، الذي تنطقه الدارجة المغربية بالضم (فم)، وبعضهم يمدّه على عادة المغاربة في مد بعض الحركات: (فوم) .. وهي ظاهرة نطقية متخلّفة
    من عادة أعربية لبعض القبائل القُدْمى. وقد استعملت العرب (الفوه) بمعنى الكلام في قولهم: فاه يفوه فَوْهاً، أي نطق .. وتفاوَهَ القوم: تكلّموا. وليس بمستبعد
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

 

 

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
توسيع/تقليص
[click to hide]

Content goes here.