الجنبية أكبر من كونها سلاحاًبكثير.. إنها جانب هام من النسيج الثقافي الموغل في أعماق تاريخ العرب القديم. بالنسبة للتسمية والظهور فالمؤرخون يرجحون بسبب التسمية بأن المتمنطق بها يضعها على جنبه، فأصبحت كأنها جزء لا يتجزأ من كيانه. ترافقه الساعات الطوال من حياته.وتشير الدلائل التاريخية إلى أن بداية ظهورها كان في الألف الثالث قبل الميلاد. يؤكد ذلك شواهد قبور لا تزال موجودة في حضرموت. ومما يُذكر أن الجنبية كانت في بداية عهدها تشبه السيف في تصميمها. إذ أن من المرجح أن تكون الجنبية امتداداً للخنجر اليمني التي بدأت صناعته في اليمن من العهد السبئي. والذي اقتضت التحولات التي مر بها العهد المعيني فالحميري فالقتباني ثم الإسلامي وصولاً إلى العصر الحديث أن يأخذ تلك الصورة التراثية التي أصبحت تطلق عليها فيما بعد باسم الجنبية.
وقد تفنن اليمنيون في صناعتهم للجنابي وجعلوها عامرة بالنقوش والزخارف الفنية الرفيعة ، التي جعلت منها تحفة غالية الأثمان. وتتكون الجنبية من الرأس ويسمى رأس الجنبية. وهو الجزء الذي يتوقف عليه قيمة الجنبية. فهو بذلك أهم أجزائها.ويصنع رأس الجنبية من بعض قرون الحيوانات وعظام الزراف وحوافر الجمال والمواد البلاستيكية والخشب.
وهناك العديد من أنواع الرؤوس فمنها (الصيفاني) ويسمى صيفاني لشدة صفائه ورونقه، يسمى أيضاً (القلب) لأنه يؤخذ من قرن (وحيد القرن). ويأتي بالدرجة الثانية (الأسعدي) الذي قيل بأنه يرجع إلى أحد ملوك اليمن القدماء، وهو الحاكم أسعد الكامل و(الزراف) يأتي بالدرجة الثالثة ويصنع من بقية أجزاء القرن المتبقية. وأيضاً الكرك ويصنع من قرون البقر والرؤوس التي تصنع من القرون والعظام لا تتغير أحوالها بمرور الزمن بقدر ما تزداد من الجمال والبهاء والرونق.
تستورد قرون وحيد القرن من أفريقيا والهند. ولعل السبب الخفي في إرتفاع ثمن هذا النوع في الآونة الأخيرة هو قرار منظمة حماية حقوق الحيوان الذي قضى بمنع استيراد قرون وحيد القرن خوفاً عليه من الانقراض. وتتم صناعة رأس الجنبية بطريقة يدوية وبآلات بسيطة ، حيث يقوم الحرفي بتقطيعه ونحته وصنفرته وصناعته على الشكل المطلوب. وتتم هذه العملية في الرؤوس المصنوعة من قرون الحيوانات والخشب. وبالنسبة للرؤوس البلاستيكية فتصب في قوالب بعد صهرها.ومن ثم يتم تزيين رأس الجنبية بقطعتين من الذهب الحميري أو الفضة ويسميان بالزهرتين وهما على شكل جنيهات ذهبية دائرية الشكل تثبت من الخلف بقضيب أو مسمار من النحاس أو من نوع الزهرة وقد تكون هذه الزهرات من الحديد أو الفضة المصبوغة باللون الأصفر أو الأحمر الباهت، عليه رسومات وأشكال مختلفة منها فارس على صهوة جواده . ويحيط بأسفل رأس الجنبية ما يسمى بالمبسم وهو إطار معدني مستطيل الشكل يصنع غالبا من الذهب أو الفضة أوكليهما أو معدن آخر.
تأتي بعد ذلك المرحلة المكملة للجنبية، وهو نصل الجنبية وهو عبارة عن قطعة معدنية حديدية بالغة الحدة في كل وجهيها خط مجوف إلى الأعلى يسمح بدخول الهواء في جرح المطعون بالجنبية ويؤدي إلى إصابة الجرح بالسم. ومن أنواع النصال : الحضرمي والجوفي والعدني والزنك والمبرد. وتلعب النصلة دوراً كبيراً في تحديد قيمة الجنبية وتصنع في عديد من المدن اليمنية وأفضل أنواع هذه النصال الحضرمي. وبعد صقلها وتلميعها يتم إلصاقها برأس الجنبية، ويوضع اللحام، ثم توضع في الجراب أو العسيب وهو الغمد المصنوع من الخشب. والعسيب نوعان حاشدي وبكيلي والأول يشبه حرف اللام وهو أكثر انتشاراً والثاني يشبه حرف الراء ويقتصر لبسه على العلماء والقضاة.
أما الحزام فهو آخر أجزاء الجنبية ويظهر عليه الإبداع والفن التشكيلي والحرفي وبهذه المكونات كلها انفرد الإنسان اليمني بهذه التحفة الثمينة دون غيره من سائر الشعوب.والأحزمة أنواع منها المتوكلي نسبة للإمام المتوكل وهناك الكبسي والطيري والمركزي والمرهبي وهو الأردأ والأرخص ثمناً. وتتفاو ت الأحزمة تبعاً لتفاوت واختلاف أنواع الخيوط المستخدمة في تطريزه وجودة الصنعة وجمال الشكل. وتتطرز غالبية الأحزمة بالخيوط الذهبية والتي تسمى( بالسيم) والسيم نوعان الأصلي والعادي ويتم الرسم الأولي على قطعة قماش. وأجمل هذه الأحزمة هو المفضلي نسبة إلى بيت المفضل المشهور بصنع هذا النوع ،أما الأحزمة المطرزة بآلات الخياطة فليس لها أي قيمة تذكر.
وللجنبية قيمة اجتماعية في أوساط المجتمع اليمني فقد استخدمها لأغراض الزينة والقتال فقد أصبحت مفخرة بالغة للإنسان اليمني في قيمتها التي قد تصل إلى مهر مائة عروس.
وختاما نرى أن الجنبية أصبحت تعبر عن أصالة شعب عريق يتوارثها الأبناء أجيالاً مديدة لتكون شاهدة على فن لا تمحوه آثار الزمان. يحكي قصة شعب عريق وماضٍ خالدٍ مجيد إنها أصالة الماضي وكنز الحاضر.

المصدر: منتديات يل - من قسم: نافذة الأزياء


hg[kfdm ( Hwhgm jj[h,. hgluhwvm) hgluhwvm hg[kfdm hg[kfdmK HwhgmK luhwvm