بقلم : مبخوت العزي الوصابي

الصعاليك: جمع صعلوك ، وهو - لغة – الفقير الذي لا مال له .أما الصعاليك في عرف التاريخ الأدبي فهم جماعة من شواذ العرب ، كانوا يغيرون على البدو والحضر ،فيسرعون في النهب; لذلك يتردد في شعرهم صيحات الجزع والفقر والثورة ، ويمتازون بالشجاعة والصبر وسرعة العدو ، وحين نرجع إلى أخبار الصعاليك نجدها حافلة بالحديث عن الفقر ، فكل الصعاليك فقراء لا نستثني منهم أحدا حتى عروة بن الورد سيد الصعاليك الذين كانوا يلجئون إليه كلما قست عليهم الحياة ليجدوا مأوى حتى يستغنوا ، فالرواة يذكرون انه كان صعلوكا فقيرا مثلهم ، ومن هؤلاء:

- الشنفرى الأزدي .
- تأبط شرا .
- عروة بن الورد .
السليك بن السلكة:
وقد قال القرشي في كتابه أن الصعلوك هو لص فاتك خليع و ذئب.
والمعروف عن الصعاليك أنهم جماعة من اللصوص انتشروا في الجزيرة العربية بالذات المناطق الجبلية والصحاري الواسعة و الأراضي الوعرة أو أي ارض تكون فيها الحياة أصعب من غيرها , كانوا قد نبذتهم قبائلهم إما لأنهم أبناء إماء أو أنهم أتوا (بطرق تخالف عادات وتقاليد القبيلة .ونتيجة لذلك فقد عاش الصعاليك خارج قبائلهم وقطعوا كل أمل بالعدالة وقطعوا كل صلة مع أهلهم وقبيلتهم وآمنوا بأنهم ظلموا في بلاد تسودها القسوة فحقدوا على القبيلة و أفرادها وعلى أصحاب الثروة والمال .
فانتشروا في الصحاري ناشرين معهم رعبا وفزعا رهيبا للمجتمع الجاهلي والذي لم يهتم بهم .وكان سلاح الصعلوك قوة الجسد وقوة النفس فكان سريع العدو ويتميز بالجرأة والحياة والموت يتساويان في نظره.وقد قيل أنهم ذوي نزعة إنسانية فهم يعطفون على الفقراء والمساكين بطبيعة الحال وكانت لهم مغازي يوزعون غنائمها على ذوي الحاجة الماسة و قد كانت اغلب غزواتهم موجهة إلى الأغنياء والبخلاء ( هذه النقطة الجميلة هي من أروع ما سمعت عنهم ولم تكن مصادفة أن يكون زعماء التصعلك آنذاك ابتداء بالشنفرى الأزدي و تأبطا شرا وعروة بن الورد و انتهاء بالسليك بن السلكة ، من الشعراء الأفذاذ الذين صوروا حياتهم في أشعارهم ، فوضعوا بذلك اللبنة الأولى في ( أدب التصعلك)، الذي يتسم بالحدة والرفض والسخرية ، وهذه الأخيرة لم تطبع أدب تلك الفترة بطابعها ، و إنما ظلت واحدة من السمات ولكنها ليست الوحيدة على أي حال ، فالصعلوك الثائر آنذاك كان يحسم الخلاف مع خصومه بالسيف وليس بالقلم ، لذا غلبت الدراما على ( السخرية) في أشعارهم واستمرت دراما التصعلك على هذا المنوال ، يتسم فيها الصراع بالعنف الدموي حتى أوائل العصر العباسي وبفعل عوامل الانفتاح على حياة الترف والبذخ والانحلال تميل نحو استبدال العنف الدموي بالعنف اللساني أو الكلامي ، وخلع معظم المتصعلكين من الكتاب والشعراء سيوفهم ليستلوا سيف الشعر ، يجلدون به القبيلة والحكام والطبقات الغنية المستفيدة من ( الانفتاح) ،واتخذوا المدن والعواصم والحواضر الكبيرة ميدانا لنشاطهم وليس الصحراء كما كان الأمر من قبل ، ذلك أن ( القطط السمان) في الحكم والمال والجاه ، ترتع فيها .
و إذا كانت ظاهرة التصعلك الأدبي قد اختلفت في عصور وظهرت في عصور أخرى، فان الذي لا جدال فيه أن عصرنا يشهد انحسار لهذه الظاهرة وما يرتبط بنا من خصائص فنية . ومن سمات أدب التصعلك، إلي يتفرد بها الصعاليك أنها سمة تتولد من الحزن والفقر والجوع و الألم والمأساة
سنذكر هنا نبذة عن أشهر الصعاليك على الإطلاق :-

تأبط شرا:

تأبط شراً : هو ثابت بن جابر ، وأمه : امرأة يقال لها : أميمة ، أنجبت خمسة ذكور وقيل ستة ، من بينهم تأبط شراً .

تأبط شراً له مغامرات عديدة - في بطون أمهات كتب الأدب - ، تتأرجح مابين الحقيقة والخيال ، ولا أنسى أن أقول : أنه توفي مقتولاً . أكثر شعره في الحماسة والفخر .
لقد كان كثير الغارات على الأحياء سريع العدو و إذا خرج للغزو اخذ سيفه تحت إبطه , فلقبته أمه تأبط شراً
السليك بن السلكة :
وهو القائل ( ولكن كل صعلوك ضروب )
السليك بن عمير بن يثر بي بن سنان السعدي التميمي أحد شعراء العصر الجاهلي. الصعاليك، توفي عام 17 ق.هـ/605 م (تقديرا). أحد شعراء العصر الجاهلي.
نسبة إلى أمه "السلكة" وهي عبدة سوداء ورث منها سواد اللون. وأمه شاعرة متمكنة وقد رثته بمرثية حسنة. كأي صعلوك آخر،كان فاتكا عداء يضرب المثل فيه لسرعة عدوه حتى أن الخيل لا تلحقه لسرعته وكان يضرب فيه المثل فيقال «أعدى من السليك، لقب بالرئبال.

قتلهُ أسد بن مدرك الخثعمي، وقيل: يزيد بن رويم الذهلي الشيباني.
قال عنه عمرو بن معد يكرب أحد فرسان العرب المعروفين بأنه لا يخشى أحدا من فرسان العرب إلا أربعه احدهم السليك بن السلكة وانه يستطيع وحده أن يحمي الظعينة ويخترق بها أعماق الصحراء ما لم يلقاه احد هؤلاء الأربعة وهو السليك و عامر وعتبة و عنترة.

عروة بن الورد
هو عروة بن الورد بن يزيد بن عبدالله بن ناشب بن هريم بن لديم بن عوذ من قبيلة مضر .
أحد شعراء الجاهلية وفرسانها وكرمائها ومن أشهر صعاليكها وكان يلقب بعروة الصعاليك كونه يجمعهم ويهتم بشؤونهم و يغزي بهم فيكسب .
قال عنه معاوية بن أبي سفيان : لو كان لعروة بن الورد ولد لا حببت أن أتزوج إليهم .
وقال عنه عبد الملك بن مروان : من زعم أن حاتما أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد.! .
يقول ابن الأعرابي : أجدب الناس من بني عبس في سنة إصابتهم فأهلكت أموالهم و أصابهم جوع شديد وبؤس فأتوا عروة بن الورد فجلسوا أمام بيته فلما أبصروا به صرخوا :
) يا أبا الصعاليك أغثنا ) فرق لهم وخرج ليغزوا بهم ويصيب معاشا فنهته امرأته عن ذلك خوفا عليه من الهلاك فعصاها وخرج غازيا .
وعروة بن الورد شاعر مشهور وصاحب عدد كبير من القصائد سنذكر بعض ممن تخلد بعده
خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة......إن القعود مع العيال قبيح
فرشي فراش الضيف والبيت بيته ......ولم يلهني عنه غزال مقنع
الشنفرى :
هو ثابت بن أوس الازدي نشأ بين بني سلامان من بني فهم وهم الذين قد كانوا أسروه وهو صغير , فلما عرف بقصة أسره و أنهم ليسوا أهله بل هم من أبعدوه عن أهله , حلف أن يقتل منهم مائة رجل , وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين ولكن وافته المنية فأتى رجلا كاره له فرفس جمجمته فمات منها , وبذلك تكون جمجمة الشنفرى قد أكملت له المائة التي حلف أن يقتلها .
و الشنفرى الذي توفى سنة سبعين قبل الهجرة يعدمن أشهر عدائي الصعاليك ومن أكثرهم جرأة وقد عاش وحيدا في البراري والجبال سنينا طويلة .

المصدر: منتديات يل - من قسم: واحة الشعر


hgwuhgd;