لا نغالي إذا قلنا أن إنطلاقة اللغة العربية كان من منابع أجواء جنوب الجزيرة العربية ومن اليمن بشكل خاص.

وهنا يداهمنا الظن ويساورنا التساؤل: كيف تسنى للغة الجنوب فيما بعد أن تستحوذ على لغة ولهجات مناطق شمال الجزيرة التي تختلف عنها كلياً، ولتصبح بالتالي لهجة إحدى القبائل الشمالية مصدراً أساسياً لعربية اليوم.

ولكي نوفي حق التساؤل أعلاه عادة ما تتراقص في أخيلتنا مؤثرات استحواذ لغة على لغة أخرى بحكم العوامل السياسية والأجتماعية والأقتصادية وغيرها مجتمعة أو منفردة، وأحياناً ما تتحكم في ذلك ظروف البيئة الطبيعية التي تحتمها الأحداث المفاجئة، وهذا ما حصل فعلاً قدر تعلق الأمر بتساؤلنا، حيث أن إنهيار سد مأرب الشهير والمعروف بأسم عاصمة المملكة السبئية الثانية(650 ـ 115 ق م) في اليمن، وخرابه إثر السيل العَرِم بين (542 ـ570)، ألحق أضراراً لا حصر لها في المنطقة الجنوبية، غيرت من ظروف الحياة المعيشية من جراء أخطار الفيضانات العارمة وتدميرها شبكات تنظيم الري والأراضي الزراعية ودور السكن. ان هذه الكارثة حَدَت باعداد كبيرة من سكان قبائل المنطقة للنزوح والهجرة صوب المناطق الشمالية، واستقرت في يثرب ومكة والشام والعراق، حتى قيل عن ذلك (تفرقوا أيدي سبأ). هذا بالإضافة إلى غزوات الأحباش والروم والفرس التي سببت فيما بعد توالي هجرات سكان المنطقة إلى الشمال.


إن هذه الهجرة المباغتة وما تعاقبتها من هجرات بسبب الغزوات لا تعني بأنه من السهولة على تلك القبائل من فرض سيطرتها على المنطقة برمتها بقدر ما تعني الخضوع لمتطلبات الأستقرار وضمان الحياة المعيشية. إلا أنه رغم الظروف السلبية في الحياة المعيشية فأنه حتمت مستلزمات الحاجة على مدى الزمن لتوطيد أواصر التقارب والإختلاط والجوار والمصاهرة. ومما لا شك فيه ان أزمات التنافر والمشاحنات ظلت دائرة إلى فترة ظهور الإسلام عام 622 م ونشوء فكرة أسس الدولة العربية.

ان ما تجدر الإشارة إليه هو إنتشار الديانة اليهودية والمسيحية في المنطقة، وتواجد العرب بعيدين عن هاتين الديانتين وانعزافهم الى الوثنية، حيثأ أَلَّهوا بعض قوى الطبيعة ومن الهتهم الشهيرة مناة الهة الحظ في مكة، واللات وتدعى الربة في الطائف، والعُزَّى أي الزُهرة في قريش، إضافة للحجر الأسود في مكة حيث كانت ُتنصب فوقه الأصنام. ان هذا الأنعزاف الوثني في العهد الجاهلي لم يكن حاجزاً ومانعاً من إقدام جماعات من العرب على اعتناق الديانتين المذكورتين، فقد كان هناك من دان باليهودية في اليمن ويثرب وخيبر، وبالنصرانية في مناطق الجزيرة والعراق والشام، وهناك دلائل عديدة على ذلك الإعتناق.




ومما سبق ذكره يتسنى لنا القول من تواجد لغتين متفاوتتين في منطقة الجزيرة العربية هما الأرامية والعبرية الى جانب العربية التي تأثرت بهما واستعارت منهما العديد من المفردات التي سنأتي على ذكرها فيما بعد.

من هذا المنطلق يسعنا القول: ان العربية أحدث لغة من حيث المنشأ والتاريخ بين مجموعة اللغات السامية، وتُعَد أغلبها وسعاً وانتشاراً، قياساً بأختيها الآنفتي الذكر رغم انتمائهن جميعاً لذات الآرومة.



By: AJ


[TR]

[/TR]

المصدر: منتديات يل - من قسم: منتدى الفصحى


[`,v hggym hguvfdm 2012 Hwg hggym hggym hguvfdm jhvdo hggym jhvdo hggym hguvfdm [`,v []d] pwvd