-
- تاريخ التسجيل
- May 2012
- الدولة
- اليمن
- المشاركات
- 684
- معدل تقييم المستوى
- 83
تأزم العربية: استراتيجيا ام هولوكوست لغوي؟
[TR]
[/TR]
[TR]
لا يمر عام دون ان يعقد مؤتمر علمي في بلاد عربية او اسلامية يقرر بان اللغة العربية في ازمة. تمضي السنون وتظل العربية الفصحى كما كانت بل افضل مما كانت.
لغة تكتب بها الفنون وتترجم اليها العلوم وتصاغ بها النشرات الاخبارية وتقرأ بها عناوين السياسة والكرة والاقتصاد ويستمتع اليافعون بها وهم يشاهدون افلام الكرتون.. يخطب الساسة العرب بالفصحى ويتكلمها المحللون السياسيون الاجانب بطلاقة افضل من طلاقة متكلميها احيانا، وعندما تدعى الى جامعات اجنبية تصادف من يكلمك بعربية القرن الثاني او الثالث عن الجاحظ او سيبويه او المتنبي وتشعر انه وهو يتكلمها يباهي بها غيره من ابناء جلدته ولسانه..
العربية ما تزال حية رغم ادعاء بعض المشتغلين بها من الجامعيين من انها في ازمة وانها صارت العوبة بيد اللغات الاجنبية الاخرى او انها عبثت بها العاميات واسرع اليها الوهن من بابها.. وان الفصحى قد هجنت ودجنت وانها ستكون من اللغات الميتة او المندثرة.
هذه صيحات للفزع لا مبرر علميا ولا واقعيا لها، فاللغة العربية تنافس اللغات الاكثر انتشارا في العالم بفضل عدد متكلميها وبفضل تزايد عدد الراغبين في تعلمها في الجامعات العالمية وخصوصا بعد احداث 11 ايلول (سبتمبر)، فهذه الاحداث اوجدت رغبة لا في معرفة ثقافة الحضارة المتهمة بالاعتداء بل في معرفة تلك الثقافة بلغتها الاصلية. ومن الناحية العلمية من العسير ان تذهب ريح لغة هي عماد الثقافة والعقيدة والسياسة مثل العربية بيسر دون ان تؤثر سلبا في المؤسسات التي تعتمدها وسيلة للتعبير اساسية، ومن المستحيل ان تتزعزع لغة بني التقعيدي والتعبيري بناء صريحا على امتداد عقود ونقصد به نظامها النحوي والصرفي والبلاغي والعروضي.. ويعد النحو العربي بشهادة لسانيين ومستشرقين نزهاء من بين الانحاء العالمية التي ارسيت على اسس لسانية متينة ويشهد لها بذلك كثير من الكليات اللسانية التي جاءت مبثوثة في هذا المتن التراثي او ذاك.
ان الذين يدعوت في المحافل العلمية الاكاديمية بان العربية في ازمة مطالبون بان يجيبوا على الاسئلة البرقية التالية قبل ان يشخصوا حال العربية او غيرها من اللغات.
اول تلك الاسئلة: ماهي رؤيتهم للتعدد اللغوي وما علاقة العربية الفصحى به؟
على الذين يريدون الخوض في هذه المسألة ان يعلموا ان التعدد اللغوي لا يقاس بمنظار الصحي او غير الصحي، بل بمنظار واقعي وظيفي. بهذا المنظار على الدارسين الذي يحلو لهم ان يروا العربية في ازمة ان يعوا بان الاصل في حياة الثقافات والشعوب التعدد اللغوي لا الواحدية اللغوية، ولقد عايشت العربية كثيرا من اللغات المختلفة عنها بل انها ولدت من رحم لغات اخرى واخذت من معاجم لغات اخرى قديمة كالفينيقية وما تزال تأخذ من غيرها ويأخذ منها غيرها.. والنظر الى ان اللغات الاخرى تغزو العربية هي رؤية قاصرة لا تضع حياة اللغات وتفاعلها في بعدها الصحيح.
ثاني الاسئلة: ما العلاقة الحقيقية بين الفصحى ولهجاتها؟
وهنا اريد ان الفت نظر الحاكمين على اللغة بأزمة متأتية من استبداد لهجاتها الى كثير من الاطاريح التي تتجاوز التفسير المألوف والذي بات لا يقنع كثيرا اللسانيين والدارسين من ان اللهجات التي نتكلمها اليوم هي سليلة لغة فصيحة كان يتكلمها العامة قبل ان تسحقها العاميات: من بين هذه الاطاريح ما يرى ان العرب لم يعرفوا في تاريخهم القديم على الجزيرة العربية لغة موحدة، بل كانوا اصحاب لهجات متفرقة، وان خلق لغة فصيحة كان اما بتغليب لغة اهل الحجاز (باعتبارها الاكثر تواترا والاكثر شهرة)، والقرآن بها.
ثالث الاسئلة: ما هو الدور الذي يقدمه تعليم العربية الفصحى لهذه اللغة التي ينعيها الناعون زيفا وباطلا؟ أليس من واجب علماء التربية والتعليم ان ينكبوا على ايجاد افضل المناهج التعليمية والتربوية الكفيلة بايجاد تعليم حي للغة يتهمونها بالاحتضار؟ وعلى اي مدرس او باحث ان يتساءل هل الدروس التي تقدم الادب العربي للناشئة تحسن تقديمه؟ بعبارة اخرى ما جدوى تدريس المعلقات لطالب طري العود من طبعه كره الجهد والاستغلاق اللفظي؟ الا يؤثر ذلك في علاقته بهذه اللغة التي يجدها عالية الاسوار حديدية الابواب نحاسية المغاليق؟
رابع الاسئلة: لماذا حين يلتقي الاكاديميون العرب لا يجدون في لهجتهم العون الامثل في التخاطب ويجدونه في العربية الفصحى؟ أليست الفصحى تلعب دور ترجمة العامية عندئذ مثلما تلعب العاميات دور ترجمة الفصحى بالنسبة الى العامة التي لا تعرف لغة الضاد وتريد فهم نشرة الاخبار او اعلان اشهاري او حلقة من المسلسلات المدبلجة بالفصحى؟
خامس الاسئلة: أليست اللغات تعير بمعايير ليست لغوية من بينها موقع متكلمي تلك اللغات بالنسبة الى متكلمي غيرها، وهنا توضع اللغات في طبقات من جهة فاعلية ثقافتها وسياستها واقتصادها وعندئذ لن يكون العيب في اللغة بما هي اداة تعبير عن هذه المنتجات العقلية بل العيب في العقل القاصر ازاء انتاجها او العاجز امام تحدي عقول خلاقة اخرى.
وعلى العموم فإن الازمة التي تنسب الى اللغة ليست لا بالجديدة ولا بالفعالة ولكن العقلية التي تريد ان تبحث عن الازمة لا لحلها بل لتضخيمها هي عقلية قديمة ترى ازمتها في الالة وليس في من يحركها.
*استاذ اللسانيات بالجامعة التونسية
[/TR]
المصدر: منتديات يل - من قسم: طاولة حوارjH.l hguvfdm: hsjvhjd[dh hl i,g,;,sj gy,d? hguvfdm hsjvhjd[dh fgsl
-
- تاريخ التسجيل
- May 2012
- الدولة
- يقيم حاليا في صنعاء
- المشاركات
- 332
- معدل تقييم المستوى
- 48
سلام على لغتي بكل ما تعنيه مفردة السلام
الكلمة مسؤولية ..
المفضلات